زهد أبي بكر رضي الله عنه وإيثاره :
العلامة الداعية الكبير: ابي الحسن الندوي يرحمه الله
نكتفي في المناسبة بتقديم مثال من سيرة أبي بكر رضي الله عنه ، وآخر لواقع عمر رضي الله عنه ، ويَتَسنى بعد ذلك لمن لم تتغلب العصبية على عقله وضميره ، أن يعدل في الحكم ، يقول مؤرخ عهد خلافة أبي بكر رضي الله عنه :
((قيل : إن زوجة اشتهت حلواً ، فقال : ليس لنا ما نشتري به ، فقالت : أنا استفضل من نفقتنا في عدة أيام ما نشتري به ، قال : افعلي ن فعلت ذلك ، فاجتمع لها في أيام كثير شيء يسسر ، فلما عرفته ذلك ليشتري به حلواً ، أخذه فرده إلى بيت المال ن وقال : هذا يفضل عم قوتنا ، وأسقط من نفقته بمقدار ما نقصت كل يوم ، وغرمه لبيت المال من ملك كان له)) (1) .
وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال : ((لما احتضر أب بكر ، قال : يا عائشة ، انظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبغ فيها والقطيفة التي كنا نلبسها ، وإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا نلي أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر أرسلت به إلى عمر ، فقال رضي الله عنه : رحمك الله يا أبا بكر ، لقد أتعبت من جاء بعدك)) (2) .
وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه ، قال : انظروا ما زاد في مالي منذ دخلت الإمارة ، فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي ، فإني قد كنت استحله (3) .
وفي رواية : لما حضرته الوفاة ، قال : إن حائطي الذي بمكان كذا وكذا يرد إلى بيت المال عوضاً عم المال الذي كنت أخذته من بيت المال في أيام خلافتي .
وفي رواية : تردون إلى بيت المال ثمانية آلاف درهم من مالي فقد أُنفق عليَّ بمقدار ذلك أيام الخلافة من بيت المال .
وقال لعائشة رضي الله عنها وهو يجود بنفسه : ((إذا أنا مت فاغسلي أَخْلاقي – ثيابي – فاجعليها أكفاني ، فقلت : يا أبناه قد رزق الله وأحسن ، نكفنك في جديد . قال : إنَّ الحيَّ هو أحوج ، يصون نفسه ويقنعها ، من الميت إنما يصير إلى الصديد وإلى البلى (4) .
(1) الكامل في التاريخ / لابن الأثير 2/423
(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 78 .
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 3/192
(4) المصدر السابق ص 197
عدد القراءات ( 995 )