هل يجد العلم شفاء لمرض الحب
- خللي بالك من مرض الحب القاتل .
- روشتة العلاج زمان والآن .
أكد تقرير نشرته مجلة "سايكولوجيست" أو "عالم النفس".. أن داء الحب يمكن أن يكون قاتلاً وأنه يجب أخذ هذا الأمر بجدية علي أنه تشخيص حقيقي للمشكلة. ويعد فرانك تاليس المعالج النفسي في لندن أحد هؤلاء الذين يطالبون بزيادة الوعي بهذا الداء. من خلال التقرير الذي نشرته المجلة. قال إن الكثير يصابون باضطرابات نتيجة لوقوعهم في شباك الحب. أو يعانون بسبب الحب من طرف واحد وعدم استجابة الطرف الآخر. مما يؤدي إلي إقدام بعضهم علي محاولة الانتحار.. مشيرا إلي أن الدراسات التي تناولت حالة مرض الحب لا تزال قليلة. اضاف البروفيسور الكس جاردنر. اخصائي علاج نفسي في جلاسجو وعضو الجمعية النفسية البريطانية. انه يوافق علي ضرورة ان يكون الأطباء اكثر وعيا بخطورة داء الحب وانه من الممكن وضع العديد من الحالات تحت هذا التشخيص.. موضحاً إمكانية وفاة بعض الأشخاص نتيجة لتحطم قلوبهم عاطفياً. حيث يصلون إلي حالة من اليأس وفقدان الأمل. قال انه نتيجة للحب. فإن بعض الأشخاص يمكن أن يصلوا إلي حالة غير طبيعية من الإنهاك الجسدي.. وفي بعض الحالات يمكن أن يؤدي داء الحب إلي انتحار بعض الأشخاص. وقال د.تاليس.. انه قبل القرن الثامن عشر. وعلى مدي آلاف السنين. كان ينظر إلي داء الحب علي انه مرض عادي يصيب عقل الانسان عند وقوعه في حبائل الغرام. أضاف.. انه بمصطلحات العصر الحديث. فإن أعراض داء الحب يمكن أن تشمل الهوس. مثل الحالة المزاجية العالية أو تضخم الإحساس بالذات أو الاحباط. وتعبر هذه الحالة عن نفسها في صورة أرق أو غضب واهتياج.
على ان هذه الدراسة الحديثة قد سبقها الباحث الدكتورد. عبد الناصر كعدان حيث قال
قد يتساءل البعض هل العشق مرض؟
هكذا اعتبره أجدادنا الأطباء العرب المسلمون كالرازي وابن سينا والبغدادي وغيرهم.
إذا كيف اعتبروه ذلك؟ وما هي أسباب وأعراض هذا المرض وكيف يتم علاجه؟..
اعتبر العشق على أنه شكل مفرط من أشكال المحبة. وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى الحب على أنه أسمى عاطفة يتحلى بها الإنسان، فقد اعتبر العشق أنه عبارة عن حالة مرضية تحدث نتيجة للمغالاة الشديدة في الحب، مما ينعكس ذلك بآثار سلبية على شخصية العاشق تظهر في اضطرابات جسمية، فضلا عن الاضطرابات السلوكية والتي كثيرا ما تدفع الشخص المصاب لأن يرتكب تصرفات غير عقلانية.
لقد عالج الأدباء العرب ومنهم الشعراء هذا الموضوع في شعرهم الغزلي بشكل خاص، واعتبره الكثير منهم بأنه المرض الذي لا يرجى شفاؤه
في حين أن الأطباء المسلمين القدامى، وعلى نحو مخالف للشعراء، قد نظروا إلى هذا المرض على أنه حالة مرضية كغيره من الأمراض العصبية أو النفسية كالصرع والصداع والسوداء له أسبابه المرضية وعلاماته وأعراضه وعلاجه. فأفاضوا في شرحه موضحين أن لهذا المرض علاجات مختلفة تطبق حسب حالة المريض وحسب درجة ثقافته، بالإضافة لطبيعة الظروف المحيطة به.
أسباب مرض العشق:
يقول ابن سينا في ذكر أسباب هذا المرض: "هذا مرض وسواسي شبيه بالمالينخوليا) Melancholy ، يكون الإنسان قد جلبه إلى نفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمايل التي له، سواء أعانته على ذلك شهوته أم لم تعنه)".
الأعراض والعلامات:
أجمل سبط المارديني في مخطوطته الطبية المسماة الرسالة الشهابية في الصناعة الطبية أعراض وعلامات مرض العشق قائلا: "وعلامته غور العينين وجفافهما إلا عند البكاء، وغلظ الجفن من كثرة السهر والأبخرة المتصاعدة إليه. ويعرف معشوقه بوضع اليد على نبضه وذكر أسماء وصفات، فإذا اختلف النبض عرف أنه هو
لقد أجمع أكثر الأطباء العرب المسلمون الذين تحدثوا عن مرض العشق أن اضطراب النبض هو من العلامات الهامة لتشخيص مرض العشق بل وحتى معرفة هوية المعشوق.
يمكن تلخيص أعراض وعلامات مرض العشق كما ذكرها الأطباء المسلمون القدامى: النحول – قلة الشهية – غور العين مع سماكة الجفن – حب العزلة مع الاسترداد وكثرة الصعداء – اضطراب النبض وخاصة تسرعه لدى ذكر المعشوق أو أي شيء يتصل به.
المعالجة:
لقد أجمع الأطباء العرب المسلمون الذين تحدثوا عن مرض العشق أن أفضل وأنجع علاج لهذا المرض هو الجمع بين العاشق والمعشوق وذلك على نحو تبيحه الشريعة.
مما سبق يمكن أن نذكر مقومات علاج مرض العشق على النحو التالي:
أولا- محاولة الجمع بين العاشق والمعشوق بالزواج إن أمكن، وفي ذلك يقول ابن هبل البغدادي: "العلاج لاشيء أنفع من الجمع بين العاشق ومعشوقه على وجه تبيحه الشريعة، فإنه يصلح ويبرأ. وإن لم يكن فالنظر من بعيد، وإلا فالتسويف)".
ثانيا- نصح العاشق وتعنيفه على أفعاله إذا كان من العقلاء.
ثالثا- إشغال العاشق ببعض العلوم العقلية ومجالس أهل الفضل، أو إشغاله ببعض الأمور الدنيوية الأخرى التي تصرف تفكير العاشق عن كثرة التفكير بمعشوقه. وقد تفنن الأطباء العرب في هذا المجال بابتكار الوسائل التي من شأنها أن تحقق هذا الغرض. فمن هذه الأمور ذكروا:
1-إشغال المريض ببعض العلوم العقلية ومجالس أهل الفضل، وذلك إذا كان ممن عنده الاستعداد لذلك. وإذا كان من المتدينين فيمكن تسليته بأخبار الزهاد والعباد والمساكين.
2- إذا كان العاشق صاحب صنعة أو عمل أو شغل ألزم بعمله أو شغله فلا شيء أضر عليه من البطالة والفراغ.
3- طول السفر عن مكان إقامة المعشوق، حيث أن ذلك مما يولد النسيان مع مرور الزمن.
4- ذكر بعض الأطباء –كابن سينا- أنه من الناس يسليه الطرب والسماع، ومنهم من يزيد ذلك من غرامه، ويمكن أن يعرف ذلك.
5- مما ينفع هؤلاء أيضا مجالس السرور واللهو والفرح، والتنزه وكثرة النظر إلى القمر. وهذه كلها اعتبرت من الأمور التي تصرف تفكير العاشق عن معشوقه.
رابعا- إفراغ المرة السوداء من الجسم والقضاء على مفاعلاتها السلبية في الجسد، وذلك بالتجفيف والتبريد. لذلك نصح الرازي بكثرة الاغتسال بالماء البارد، وحذّر من الأشياء الحارة من الأدوية والأغذية. وكذلك نصح بالنوم في الأماكن الباردة.
خامسا- الميل لتناول بعض الأغذية التي لها صفة التبريد مثل الرايب الحامض والبطيخ والقثاء والبقلة وغيرها من الأطعمة التي تساعد على استفراغ المرة السوداء وبالتالي تحقق غاية التبريد.
سادسا- أخيرا فقد نصح بعض الأطباء لمعالجة هذا المرض بأن تسلط بعض العجائز على العاشق، بحيث يجتهدن في أن ينقلن هوى العاشق إلى غير ذلك المعشوق بالتدريج، ثم يقطعن صنيعهن قبل أن يتمكن الهوى الثاني.