عيناكِ والليلُ والحزنُ
الليلُ الدَّامِسُ يـأْتي مِن خَلفِ العَينيْنْ..
عَينيكِ السَّوْداوَيـْنْ
يأتي مَسكوناً وَمَليئاً بالحزْنْ
يختارُ طريقاً نسْلُكُهُ..
ما بينَ الوترِ المهمومِ.. الوترِ المجنونِ..
وبينَ اللحْنْ
يسكَرُ أحياناً مِن كأسي
أو مِن حِبري..
ويدمّرُ كلَّ الشِعرِ وَكلَّ النَّثرِ وكلَّ الفَنْ
يسكرُ.. يسكرُ.. يسكرُ..
ليسَ لديهِ فُروقٌ..
ما بينَ الإنسِ وبينَ الجِنْ
نحنُ المأْساةُ بمعناها..
نحنُ المأْساةُ وَلَسنا نخجَلُ سيّدتي
مِن دمعِ العيْنْ
نحنُ الألوانُ ..
وَلَسنا نـعرفُ مَعنى اللوْنْ
نحنُ الأَشكالُ وَلكِنَّا..
نحتاجُ _ لِـتشكيلِ الحُبّ _ إِلى بَعضِ العَوْنْ
ما بالُ دموعِكِ سيّدتي
تنزلُ كالنهرِ على الخَدَّيـْنْ
أمطارُ الحزنِ تجيءُ إِلينا..
مِن عينيكِ المُمْطرتَيْنْ
وَتجيءُ طُيورٌ مُرهقةٌ..
تحمِلُ أحزاناً سيّدتي
فوقَ جناحَيْها المكسورَيْنْ
وَيجيءُ الليلُ الدَّامِسُ..
مِن خلفِ العينينِ الواسِعتَيْنْ
وَأجيءُ أنا..
أحملُ أحزاني سيّدتي.. فوقَ الكَتِفَيْنْ
أبكي مِن حُملي أحياناً..
أبكي مِن حُزني مِن هَمّي..
أبكي مِن ناري سيّدتي
والنار تحُيطُ مِن الجنبَيْنْ
حُبُّكِ مَزروعٌ في قلبي..
مثلُ السّكّينِ ، وفي الرّئَتَيْنْ
لكنَّ الحزنَ يُرافِقنا..
آهٍ.. آهٍ.. آهٍ..
أخَذَتنا الموجةُ سيّدتي
وَرَمتنا في أعماقِ البَحْرْ
وَغَرِقنا في مأساةِ العُمْرْ
الحزنُ يسيرُ بأَعصابي..
وأنا أتَقَلَّبُ فوقَ الجَمْرْ
ويسيرُ بأَورِدَتي
وبأَقلامي..
حتى يتغلغلَ في أوزانِ الشِعْرْ
وتسيرُ الأَحزانُ..
بعينيكِ كَبَحْرْ
قدْ ضاعَ الأَملُ وضاعَ الصَّبْرْ
قدْ ضاعَ الصَّبْرْ
سبحانَ الله..
فبَعدَ العُسرِ يجيءُ الـيُسْرْ
بعدَ الظلماءِ أتانا الفجْرْ
وَنجونا سيّدتي.. مِن هذا القَهْرْ
مِن هذا القَبْرْ
آهٍ.. آهٍ.. آهٍ..
لكنَّ فؤادي يا سيّدتي
يلهَثُ في وَسَطِ الصَّحراءْ
سبحانَ الله..
فكيفَ أكون بعمقِ البحرِ..
وقلبي يلهَثُ ..
في وَسَطِ الصَّحراءْ؟!!
لا ظِلَّ هناكَ سِوى ظِلّ فُؤادي
لا يُوجَدُ إنسٌ أو جِنٌّ.. لا يُوجدُ ماءْ..
هل يمكِنُ أنْ يحيا قلبي مِن غيرِ الماءْ؟
مِن غيرِ هَواءْ؟
مِن غيرِ رَجاءْ؟
هل يحيا مِن غيرِ لَيالٍ ظَلماءْ؟
مِن غيرِ الحزنِ القادمِ مِن خَلـفِ العَينَيْنْ؟
أبَدَاً.. أبَدَاً يا سيّدتي
لولا عيناكِ..ولولا الليلُ..
ولولا الحزنُ لما عِشتُ..
ولا عاشَ فؤادي في حُبّكِ يَومَيْنْ
******